سورة الرحمن - تفسير تيسير التفسير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الرحمن)


        


الرحمن: اسمٌ من اسماء الله الحسنى لا يجوز أن يسمّى به غيره. البيان: تعبير الإنسان عما في نفسه. بحسبان: بحساب دقيق منتظم. النَّجم: النباتُ الذي لا ساق له. الشجر: كل ما له ساق كالنخل وغيره. يسجدان: يخضعان لله تعالى. والسماءَ رفعها: خلقها مرفوعة. ووضع الميزان: شرع العدل. وأقيموا الوزن بالقسط: قوّموا وزنكم بالعدل. ولا تخسِروا الميزان: ولا تنقصوا الميزان. الأنام: الخلق. ذات الأكمام: واحدها كم بكسر الكاف، وهي وعاء طَلْع النخل، وبرعوم الثمرة. العصف: ورقُ النبات الذي على السنبلة. الرَّيحان: كل مشموم طيب الرائحة من النبات. الآلاء: النعم واحدها إِلىً بفتح الهمزة وكسرها، وألْيٌ، وأَلْوٌ.
يبين الله تعالى في هذه الآياتِ أنه علّم القرآن وأحكام الشرائع لهداية الخلق، وإتمام سعادتِهم في معاشِهم ومَعادهم. وخلَقَ الإنسان على أحسنِ تقويم، وكمّله بالعقل وجمّله بالنطق {عَلَّمَهُ البيان} كي يُبينَ عما في نفسه. وتلك ميزةٌ له عن سائر الحيوان.
وسخّر الشمسَ والقمرَ يجريان بحسابٍ دقيق وتقديرٍ منتظم وقوانين ثابتة. والنباتُ الذي لا ساقَ له، والشجرُ بجميع انواعه- مسخَّرة خاضعة لارادة الله في كل ما يريد. كما خلَق السماءَ مرفوعة، ووضعَ العدلَ حتى لا يظلم بعضكم بعضا. وأقيموا الوزن بالعدل في كل معاملاتكم، ولا تنقصوا الميزان.
ولقد أوجد الله في الأرض لكم أنواعاً كثيرة من الفواكه، فيها النخْل ذاتُ الأكمام، وفيها الحبُّ ذو القشر، جعله رزقاً لكم ولأنعامكم. وفيها كل نبتٍ طيب الرائحة. وقد خص النخلَ بالذِكر لأن ثمره فاكهة وغذاء.
{فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}
الخطاب للانس والجن وقد جاء بعد ذِكر كثير من النعم، فبعد كل هذه النعم فبأي نعمة من ربكما تجحدان وتكذّبان؟!
قراءات:
قرأ ابن عامر: {والحبَّ ذا العصف والريحانَ} بفتح الحب والريحان. وقرأ حمزة والكسائي {والريحانِ} بالجر. والباقون: {والحبّ ذو العصف والريحان} بالرفع.


الصلصال: الطين اليابس الذي له صوت إذا نُقر. والفَخّار: الطين المطبوخ المصنّع. المارج: الشعلة الساطعة ذات اللهب الشديد التى لا دخان فيها. رب المشرقَين ورب المغربين: الشمس تشرق كل يوم من مكان، وتغرب في مكان، ولذلك ورد أيضا {وَرَبُّ المشارق} [الصافات: 5] في سورة الصافات. مرجَ البحرين: أرسلهما واجراهما. يلتقيان: يتجاوران. برزخ: حاجز. لا يبغيان: لا يطغى احدهما على الآخر فيمتزجان. اللؤلؤ: هو الدر المعروف المخلوق في الأصداف. المرجان: نوع احمر من حيوان البحر أيضا يُتخذ حلياً. الجواري: السفن الكبيرة. المنشآت: المصنوعات. كالأعلام: كالجبال، والعلَم هو الجبل العالي.
بعد أن منّ الله على الخلق بما هيأ لهم من نعمٍ لا تحصى في هذا الكون، ينتقل هنا إلى الامتنان عليهم بنعمه في ذواتِ أنفسهم، وفي خاصةِ وجودهم وإنشائهم.
خلَقَ جنسَ الإنسان من طينٍ يابس غير مطبوخ، وخلق الجانَّ من لهيبٍ مشتعل من نار، وهو ربُّ مشرِقَي الشمسِ في الصيف والشتاء، ورب مغربَيها اللذين يترتب عليهما تقلُّبُ الفصول الأربعة وتقلب الهوا ءوتنوعه، وما يلي ذلك من الأمطار والشجر والنبات والأنهار الجارية.
ثم ذكر نعمه تعالى على عبادِه في البحر وما فيه من فوائدَ وخيرات فقال: {مَرَجَ البحرين يَلْتَقِيَانِ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ}
أرسل البحرَ المالحَ والبحرَ العذب متجاورَين متلاقيين لا يبغي أحدُهما على الآخر، فقد حجَز بينهما ربُّهما بحاجزٍ من قدرته.. فبأيّ هذه المنافع تكذّبان ايها الثّقلان!!.
ومن البحر المالح والعذب يخرجُ اللؤلؤ والمرجان، يتّخذ الناس منهما حِليةً يلبسونها. وفيهما تجري السفن الكبار المصنوعات بأيديكم كالجبال الشاهقة، حاملةً ما ينفع الناس ويقضي مصالحهم.
وبعد ذكر هذه النِعم التي أوجدها في البر والبحر- بيّن ان هذا كله فانٍ لا يدوم، وانه لا يبقى الا الله تعالى، وكل من في الوجود مفتقِر إليه، وهو الحي الباقي في شئونه يُحيي ويميت، ويرزقُ ويعزّ ويذلّ، ويعطي ويمنع.
{كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ويبقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الجلال والإكرام}
فجميعُ أهل الأرض يذهبون ويموتون، وكذلك أهلُ السموات، ولا يبقى سوى الله، فَهو ذو الجلال وحده. ولا يقال ذو الجلال الا في النسبة إلى الله. ثم قال والاكرام لأن الله تعالى كريمٌ يكرم الإنسان وينظر اليه بعين العطف والعناية، والكريم لا يُخاف بل يُحَبُّ ويطاع.
وكل من في السموات والارض مفتقِر إليه تعالى، محتاجٌ إلى رحمته ونواله ولذلك يقول: {يَسْأَلُهُ مَن فِي السماوات والأرض كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ}.
فهو يحيي ويميت، ويعزّ ويذلّ، ويعطي ويمنع، ويغفر ويعاقب. قال عبد الله بن حنيف: تلا علينا رسول الله صلى الله عليه سولم هذه الآية فقلنا: يا رسول الله، وما ذلك الشأن؟ قال: إن يغفر ذنبا، ويفرّج كربا، ويرفع قوما ويضع آخرين.
قراءات:
قرأ الجمهور: {يخرُج} بفتح الياء وضم الراء. وقرأ نافع وأبو عمرو ويعقوب: {يُخرَج} بضم الياؤ وفتح الراء على البناء للمجهول. وقرأ الجمهور: {المنشَآت} بفتح الشين. وقرأ حمزة وأبو بكر: {المنشِئات} بكسر الشين.


سنفرُغ لكم: هو مجرد تهديد لأن الله تعالى لا يشغله شيء، والمعنى سنحاسبكم. ايها الثقلان: الانس والجن. أن تنفذوا: تخرجوا. أقطار السموات والأرض: جوانبهما. بسلطان: بقوة وقهر. الشواظ: لهب خالص بلا دخان. النحاس: الدخان لا لهب فيه. وهذا من بعض معانيه. وردة: لونها كحمرة الورد. كالدهان: وهو ما يدهن به. السيما: العلامة. النواصي: واحدها ناصية وهي مقدم الرأس، والأقدام معروفة، يعني يُجرّون من نواصيهم واقدامهم. الحميم: الماء الحار. آن: متناهٍ في الحرارة.
سنحاسِبُكم أيها الانسُ والجنّ يومَ القيامة، وهذا وعيدٌ شديد من الله لعباده، فان الله تعالى لا يَشغَله شيء. ثم بين الله انه لا مهربَ في ذلك اليوم من الحساب والجزاء، كل واحد يحاسَب على عمله فقال: {يامعشر الجن والإنس إِنِ استطعتم أَن تَنفُذُواْ مِنْ أَقْطَارِ السماوات والأرض فانفذوا}
ان استطعتم ان تخرجوا من جوانب السموات والارض هارِبين فافعلوا... والحقيقةُ أنكم لا تستطيعون ذلك، إلا ان تَفِرّوا إلى اللهِ بالتوبة الخالصة. {لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ} وأعظمُ سلطان يتحصّن به الإنسان هو التوبة، فإنها أكبر حصنٍ يقي التائب المخلص من عذاب الله. فبأيّ نعمة من نعم ربّكما تجحدان!؟.
ثم بين بعض اهوال الساعة بقوله تعالى: {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلاَ تَنتَصِرَانِ}
يُصَبّ عليكما لهبٌ من نارٍ ونحاسٌ مذاب، فلا تقدران على دفع هذا العذاب، بل يُساق المجرمون إلى الحشْر سَوقاً نعوذ بالله منه.
ثم بين الله تعالى أنه إذا جاء ذلك اليوم الشديد اختلّ نظام العالم، فتتصدّع السموات ويصير لونها أحمر كالدِهان، وتصير مذابةً غير متماسكة.
ويكون للمجرمين حينئذٍ علاماتٌ يمتازون بها عن سواهم كما قال تعالى: {يُعْرَفُ المجرمون بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بالنواصي والأقدام}
فيُجَرّون إلى جهنم من مقدَّم رؤوسهم وأَرجلِهم ويقال لهم توبيخاً وتقريعا: {هذه جَهَنَّمُ التي يُكَذِّبُ بِهَا المجرمون} فهم يترددون بين نارِها وبين ماءٍ متناهٍ في الحرارة. فاذا استغاثوا من النار يُغاثوا بالماءِ الحار الذي يشوي الوجوهَ كما قال تعالى في سورة الكهف: {وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كالمهل يَشْوِي الوجوه بِئْسَ الشراب وَسَآءَتْ مُرْتَفَقاً} [الكهف: 29].
قراءات:
قرأ حمزة والكسائي: {سيفرغ لكم} بالياء. والباقون: {سنفرُغ لكم} بالنون. وقرأ ابن كثير: {شواظ} بكسر الشين، والباقون: {شواظ} بضم الشين. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب: {ونحاس} بالجر، والباقون: {ونحاس} بالرفع.

1 | 2